نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 2 صفحه : 535
قال القاضي أبو محمد: وهذا القول ضعيف، وعليه فسر النقاش وذكره عن المازني، والضمير على التأويلين من قوله يُرِيكَهُمُ عائد على الكفار من أهل مكة، ومما يضعف ما روي عن الحسن أن معنى هذه الآية يتكرر في التي بعدها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مخاطب في الثانية أيضا، وقد تظاهرت الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم، انتبه وقال لأصحابه أبشروا فلقد نظرت إلى مصارع القوم، ونحو هذا، وقد كان علم أنهم ما بين التسعمائة إلى الألف، فكيف يراهم ببصره بخلاف ما علم، والظاهر أنه رآهم في نومه قليلا قدرهم وحالهم وبأسهم مهزومين مصروعين، ويحتمل أنه رآهم قليلا عددهم، فكان تأويل رؤياه انهزامهم، فالقلة والكثرة على الظاهر مستعارة في غير العدد، كما قالوا: المرء كثير بأخيه، إلى غير ذلك من الأمثلة، والفشل الخور عن الأمر، إما بعد التلبس وإما بعد العزم على التلبس ولَتَنازَعْتُمْ أي لتخالفتم وفِي الْأَمْرِ يريد في اللقاء والحرب وسَلَّمَ لفظ يعم كل متخوف اتصل بالأمر أو عرض في وجهه فسلم الله من ذلك كله، وعبر بعض الناس أن قال «سلم لكم أمركم» ونحو هذا مما يندرج فيما ذكرناه، وقوله إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بإيمانكم وكفركم مجاز بحسب ذلك، وقرأ الجمهور من الناس «ولكنّ الله سلم» بشد النون ونصب المكتوبة وقرأت فرقة «ولكن الله» برفع المكتوبة، وقوله وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ الآية، وَإِذْ عطف على الأولى، وهذه الرؤية هي في اليقظة بإجماع، وهي الرؤية التي كانت حين التقوا ووقعت العين على العين، والمعنى أن الله تعالى لما أراد من إنفاذ قضائه في نصرة الإسلام وإظهاره قلل كل طائفة في عيون الأخرى، فوقع الخلل في التخمين والحزر الذي يستعمله الناس في هذا التجسد كل طائفة على الأخرى وتتسبب أسباب الحرب، وروي في هذا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لقد قلت ذلك اليوم لرجل إلى جنبي أتظنهم سبعين؟ قال بل هم مائة، قال فلما هزمناهم أسرنا منهم رجلا فقلنا كم كنتم؟ قال ألفا.
قال القاضي أبو محمد: ويرد على هذا المعنى في التقليل ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأل عما ينحرون كل يوم، فأخبر أنهم يوما عشرا ويوما تسعا، قال هم ما بين التسعمائة إلى الألف، فإما أن عبد الله ومن جرى مجراه لم يعلم بمقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما أن نفرض التقليل الذي في الآية تقليل القدر والمهابة والمنزلة من النجدة، وتقدم في مثل قوله لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا، والأمر المفعول المذكور في الآيتين هو للقصة بأجمعها، وذهب بعض الناس إلى أنهما لمعنيين من معاني القصة والعموم أولى، وقوله وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ تنبيه على أن الحول بأجمعه لله وأن كل أمر فله وإليه، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر والأعمش «ترجع» بفتح التاء وكسر الجيم، قال أبو حاتم: وهي قراءة عامة الناس، وقرأ الأعرج وابن كثير وأبو عمرو ونافع وغيرهم «ترجع» بضم التاء وفتح الجيم.
قوله عز وجل: